Pages

دليفري للبهوات

Thursday, December 9, 2010

أساطير دوائر المدن-1

تاريخ عكسي للعواصم والنِحل
مدينة للمدينة


فلما أُمر مترفيها، فلقوا فيها، فأصبح ناسها ناسان، فريق دفعوه لسكن المغارات وسفوح الجبال، وهؤلاء قل زادهم وفسد ريحهم فلان عودهم وصاروا هونا على المالكين وهوانا للآخرين. والآخرين الآخرين، قادوهم بحبل طويل للصحراء صاغرين، بعضهم بالحلم الوثير، والبعض بالخوف من المصير، وهؤلاء هم الساكنين.
وعندما اطمئن ابن طلعة لملكه الواسع، الذي من البشر ناصع، توغل في أقصى الشرق، حتى وصل لحافة دنياه أو كاد، فجمع بكلتا يديه التراب، وكدسه في تلال، وناداها مدينته.. هي للساكنين مآبا، وفُتحت لهم فلم تكن إلا أبوابا.
وكما قام كل مُلك حديث البنيان، صارت مدينة المدينة، في جدرانها لمعان، وفي شوارعها اتساع لشمس تلتهم الحيران، وأسوارها تفصل ما بين عالمان.
لكن المدن لا تُبنى بلا دماء ونيران، وتجمع بين نقيض ونقيضان، والأصيلة تحملت البجاحة والطموح لآن.. فكأنها تتمدد، ببطء، رغم كراهيتها للصحراء، وتطوي المسافة للخيلاء، فاصطبح أهل البعيدة دون أسوار، وقد هضمهم العمران: الأبراج والأشجار، الساكنين والشطار.
وهكذا كان حال المدن في كل أوان.

No comments: