Pages

دليفري للبهوات

Sunday, January 27, 2019

شباك تذاكر السينما المصرية في 2018: صراع النجوم والأسماك المفترسة في حوض ضيق


في عام 2018 حقق شباك تذاكر الأفلام المصرية رقماً قياسياً جديداً في إجمالي الإيرادات. مقارنة بالأعوام السابقة، فإن السينما المصرية أنتجت أقل وربحت أكثر، لكنها أيضاً أضاعت فرصة نادرة من الصعب أن تتكرر مرة أخرى في العام المقبل.

ماذا حدث في شباك تذاكر 2018؟
362 مليون جنيه
إجمالي إيرادات الأفلام المصرية
720 مليون جنيه
إجمالي إيرادات شباك التذاكر للأفلام المصرية والأجنبية
37 فيلم
عدد الأفلام المصرية المعروضة

لا تزال إيرادات الأفلام المصرية متأثرة بتبعات قرار تعويم سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، أهم هذه التأثيرات هي عدم قدرة الأفلام الناجحة على الاستقرار فوق قمة تل الإيرادات التاريخي. بدأ الأمر في 2016 وقبل أيام قليلة من التعويم عندما كسر فيلم "لف ودوران" حاجز الأربعين مليون جنيه لأول مرة في تاريخ السينما المصرية مسجلاً 43.3 مليون، برقم افتتاح أسطوري قرب 26 مليون، ولا داعي للتذكير بأن هذا تحقق بأسعار تذاكر ما قبل التعويم.
بعد 9 شهور فقط أطاح به "هروب اضطراري" من على القمة بفارق ضخم (55.6 مليون)، وكان هذا انقلاباً في تقاليد شباك التذاكر المحلي الذي سيطرت عليه الأفلام الكوميدية من 1998. بعد أقل من 3 شهور تكرر السيناريو مع فيلم الخلية (56 مليون)، ثم في العام التالي "حرب كرموز" بإيرادات 57.6 مليون.
في الثلاث حالات لم يكسر أي منهم رقم افتتاح "لف ودوران"، حيث حققت هذه الأفلام نجاحها عبر الاستمرار لفترات طويلة بشاشات العرض، 22 أسبوعاً متواصلاً كما في حالة "الخلية"، وبالتالي أصبحت أفلام عيد الأضحى تتمتع بفرصة أعلى في مراكمة الإيرادات مع خلو الساحة من المنافسة حتى أقرب موسم سينمائي في إجازة منتصف العام الدراسي في نهاية يناير من العام التالي، وتتمدد هذه الفترة مع تحرك عيد الأضحى نحو الصيف، بينما يغوص عيد الفطر في امتحانات نهاية العام.
هذه الظواهر تمهد لفهم ما حققه فيلم "البدلة" بإيرادات تخطت 64 مليون جنيه بنهاية العام، فقد أعاد السيطرة الكلاسيكية لأفلام الكوميديا الغنائية، بمستوى إنتاج متواضع مقارنة بأفلام ضخمة ومبهرة مثل "الخلية" و"كرموز"، وجمع وحده حوالي 18% من إجمالي إيرادات السينما المصرية في 2018.

ممنوع دخول الذكور
سينتهي العام و"البدلة" لا يزال متواجداً في 25 دار عرض بسبب المساندة القوية من شركة "الإخوة المتحدين للسينما"، وهي شركة إنتاج وتوزيع وتمتلك عدة دور عرض قديمة، في تحالف مع شركة "نيوسينشري" التي تمتلك شبكة دور عرض قوية بالضواحي الراقية والأقاليم. تمكن التحالف من محاصرة التأثير الشعبي لأفلام النجممحمد رمضان مع السبكي في الأعياد، ولم يتمكن فيلم "الديزل" من الوصول إلى 24 مليون جنيه، في تدشين لعصر جديد ستسود فيه الأفلام الموجهة لجمهور الضواحي.

بينما تهمل شركات العرض افتتاح دور جديدة داخل المدن، وتتوسع بمجمعات سينمائية ضخمة في الضواحي، حوصرت الأفلام الشعبية في دور العرض القديمة والرخيصة داخل المدن، ففي الأعياد لن يتحمل الجمهور تكلفة إضافية للمواصلات إلى مول مصر أو بوينت 90، مفضلاً دور العرض القريبة الرخيصة، وبالتالي لا يهم عدد التذاكر المباعة لأن سعرها سيكون أقل من نصف السعر في الضواحي. إضافة إلى معوقات أخرى مثل تخصيص المولات أيام العطلات للعائلات ومنع دخول الشباب من الذكور.

بين فكي القرش
مثل أي نظام بيئي يتعرض لانقراض أو ضعف أحد كائناته؛ فتظهر كائنات أخرى أكثر خطورة، فإن إهمال الجمهور الشعبي والتركيز فقط على النمو بالضواحي، كان تأثيره هو اجتذاب كائنات جديدة مفترسة. يتحدث الجميع في 2018 عن ظاهرة فيلم "The Meg" الذي جمع أكثر من 28 مليون جنيه ولا يزال مستمراً بدور العرض، وهو إنجاز لا يُقارن حتى بفيلم "Titanic" الذي كان أول فيلم أجنبي يتخطى العشرة ملايين جنيه في 1997.

لم تكن قروش الميجالودون الدينوصورية الضخمة هي مصدر الخطورة، بل النمو غير المتوقع لإجمالي إيرادات الأفلام الأجنبية. الجدول التالي يُظهر استحواذ الأفلام الأجنبية (لأول مرة في تاريخ السينما المصرية) على حصة إيرادات أعلى من الأفلام المصرية، بمعدل نمو بلغ 65% خلال عامين فقط.

السنة
2016
2017
2018
عدد الأفلام
غير متاح
181
180
إجمالي الإيرادات بالمليون جنيه*
207
295
358
أعلى فيلم بالإيرادات
Batman v Superman: Dawn of Justice
The Fate of the Furious
The Meg
إيرادات الفيلم بالمليون جنيه*
11.2
22.5
28.2
*أرقام الإيرادات تم جمعها بفضل التوثيق المستدام بموقع "السينما.كوم"

سمكة كبيرة في حوض صغير
لم يسجل "The Meg" نجاحاً مماثلاً في أي بلد آخر بخلاف الصين (150 مليون دولار)، وهي بلد المنشأ الحقيقي للفيلم، مما يجعل تفسير ظاهرته في مصر محلياً.
انطلق "The Meg" في دور العرض المصرية في 9 أغسطس، قبل أسبوعين من موسم العيد، ثم استمر حتى نهاية العام مستفيداً من نفس الميزة التي استفادت منها أفلام العيد المصرية، وهي عدم إطلاق أفلام جديدة قوية، فبعد انتهاء موسم العيد في أغسطس، استقبلت دور العرض 5 أفلام مصرية فقط.
نفس الفراغ بالأفلام المحلية تجده في الفترة ما بين العيدين، حيث لم يُعرض بها سوى فيلم مصري واحد فقط (الرجل الأخطر | أقل من نصف مليون جنيه)، خلال نفس الفترة استقبلت دور العرض 18 فيلماً أجنبياً، لم يصل معظمها لمستوى المليون جنيه.. صيف 2018 كان موسماً صامتاً.
انكماش عدد الأفلام المصرية المعروضة في 2018 (11 فيلم أقل من 2018)، أتاح فراغاً مثالياً أمام الأفلام الأجنبية، ووضع ضغوطاً أعلى على الأفلام المصرية متوسطة الإنتاج، وخارج المواسم الثلاثة الرئيسية (العيدين وإجازة نصف العام) لم ينجح سوى فيلم "علي بابا" في تجاوز العشرة ملايين جنيه، ووصل "عيار ناري" ببطء إلى 7 ملايين، وتوقف "نوّرت مصر" عند 2.8 ملايين.. باقي الأفلام خارج لم تتجاوز المليون جنيه من الأساس.

أفلام الآرت هاوس في جلباب السوق
من المفترض أن يتيح هذا الوضع مساحة أفضل لأفلام الآرت هاوس ذات الطبيعة الفنية، لكنها سجلت 5 أفلام فقط عكس التوجه التصاعدي لها خلال الثلاثة أعوام الماضية كما يُظهر الجدول التالي.

السنة
عدد أفلام الآرت هاوس
2013
4
2014
2
2015
5
2016
4
2017
6
2018
5
الأفلام: "النسور الصغيرة"، "زهرة الصبار"، "يوم الدين"، "ورد مسموم"، "ليل / خارجي"

ولم يمنع هذا فيلم "يوم الدين" من تسجيل أول علامة مليونية فيتاريخ إيرادات أفلام الآرت هاوس، ففيما يبدو أن قواعد السوق الكبير تُطبق بشكل حرفي مصغر على السوق بالغ الضآلة لأفلام الآرت هاوس.

صوت عد التذاكر
تتشابه الأفلام الأجنبية مع المصرية في أنها خلال 2018 حققت إيرادات أعلى بأفلام أقل، وهو توجه يتعلق بزيادة أسعار التذاكر ونمو دور العرض الحديثة في مجمعات سينمائية تصل إلى 20 شاشة، فكلما زاد عدد الشاشات زادت الحاجة للأفلام الأجنبية لضمان تشغيلها طوال العام.
السنة
2016
2017
2018
إجمالي الإيرادات (مصري وأجنبي) بالمليون جنيه
462
588
708
التذاكر المباعة بالمليون
10.5
12*
13*
متوسط سعر التذكرة بالجنيه
44
49
54
*متوقع

الجدول السابق اعتمد على تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن مبيعات التذاكر في عام 2016، وهي أحدث بيانات رسمية متاحة. في 2017 وصل إجمالي إيرادات الأفلام المصرية والأجنبية إلى 588 مليون جنيه، وهو ما يجعل توقعات التذاكر المباعة 12 مليون تذكرة، هذا الرقم أقل من توقعات المنتج والموزع جابي خوري عن مبيعات تصل إلى 13 مليون تذكرة، وهو ما يتطلب متوسط سعر 45 جنيه فقط للتذكرة.
تسجل بيانات الجهاز أن أعلى رقم مبيعات تذاكر سُجل في 2005 بمبيعات 29 مليون تذكرة تقريباً. أقصى تقدير لمبيعات 2018 سيكون عند 13 مليون تذكرة، هذا بالكاد يضع الصناعة في مستوى عام 2010 الذي أتى بعد انخفاضات متتالية بسبب الأزمة المالية العالمية.

متلازمة الحماس غير الدولاري
مقارنة أرقام الإيرادات على مدى طويل يصيب بمتلازمة حماس غير مبرر اقتصادياً، فمتوسط معدل التضخم الرسمي وصل في 2018 إلى 20.86%، وتخطى الثلاثين في شهور الصدمة بعد تعويم سعر صرف الدولار أمام الجنيه، ولهذا هناك حاجة لتقويم الإيرادات بالدولار كما في الجدول التالي:
السنة
2015
2016
2017
2018
عدد الأفلام المصرية
34
47
48
37
الإيرادات بالمليون جنيه
165.8
255.5
291
362
الإيرادات بالمليون دولار
20.7
25.2
16.4
20.3

الإيرادات بالدولار تبين مقدار الصدمة في إيرادات الأفلام المصرية خلال 2017، ثم يمكن اعتبار أن 2018 هو عام استيعاب الصدمة وبدء تجاوزها، لكنه ليس عام الأرقام القياسية، بل كان عام فرصة ضاعت بسبب انكماش الإنتاج، دور العرض ستواجه خيار إجباري مُر في العام المقبل لزيادة أسعار التذاكر، وستتزايد الضغوط على شركات الإنتاج بسبب الانكماش المفاجئ في الإنتاج التليفزيوني.


من ترك باب الثلاجة مفتوحاً؟
في آخر 20 سنة، لعبت الدراما التليفزيونية دور ثلاجة الحفظ الاحتياطية للسينما. فمع أزمات السينما خلال الأزمة المالية العالمية وأحداث الثورة، يتوجه العاملون بالسينما وشركات الإنتاج لسوق الدراما التليفزيونية الذي تمتع بالاستدامة والحجم الأضخم.
الآن ينعكس الوضع، فمع الانكماش المفاجئ لسوق الدراما التلفزيونية، من المتوقع أن يعود اهتمام الجميع بالسينما، وبالفعل تبدو أفلام 2019 أضخم وأفضل من الأعوام السابقة، مثل: "الفيل الأزرق 2"، "كازابلانكا"، "الممر"، "نادي الرجال السري"، "122"، و"محمد حسين" إضافة إلى "الكنز 2" الذي تعطل عرضه العام الماضي بدون مبرر.
لم يتوافر لعام 2018 هذه العيار من الأفلام، والبطالة التليفزيونية تتسبب الآن في مفاوضات صعبة بين المنتجين والنجوم حول الأجور، وغير معروف مدى تأثير رفع أسعار التذاكر التدريجي على سلوك الجمهور. 14 مليون تذكرة هو توقع معقول التفاؤل لمبيعات 2019، لكنه لن يحقق أرباحاً مريحة لكل هذه الأفلام الضخمة، وهذا بدون حتى الإشارة لارتفاع متوقع فيأسعار الدولار، وموجات يوليو التضخمية المعتادة.

فيل في متجر الخزف
عامل آخر مثير للقلق على مدى أطول، فالأزمة التليفزيونية كان سببها هو ضخ مؤسسات الدولة الأمنية لاستثمارات ضخمة بهدف السيطرة على الإعلام، وبعد تحقق هذا الهدف بدون القدرة حتى على تحقيق أرباح، من المرجح تكرار نفس الحالة على السوق السينمائي.
حتى الآن أثبتت الأفلام المصرية في آخر عامين أنها لا تحتاج لتقويم خارجي حتى تتبع الأجندة الأمنية، وأي سوء فهم متبقي تتكفل به الرقابة بقرارات عدم التصريح وعدم المنع كما حدث مع "آخر أيام المدينة" ومؤخراً فيلم "الضيف" الذي ينتظر تصريح الرقابة منذ شهور بدون رد.
"الفيل الأزرق 2" هو رأس الحربة في شباك تذاكر 2019، محملاً بفريق عمل الفيلم الأول مضافاً إليهم المزيد من النجوم، ومن إنتاج شركة "سينرجي" ذات الخلفية التلفزيونية، والتي بدأت في التواجد خلال 2018 بثلاثة أفلام حققت نجاحاً معقولاً، وبخلاف الشركات الأخرى التي غادرت التليفزيون مجبرة، فإن "سينرجي" ستنتج 11 مسلسلاً على الأقل للعام المقبل، ومؤسسها تامر مرسي هو رئيس مجلس إدارة مجموعة "إعلام المصريين" المسؤولة عن احتكار السوق التليفزيوني، والآن جاء الدور على السينما.

 نُشر المقال في موقع إضاءات بتاريخ 27 ديسمبر 2018 وتم تحديث الأرقام بإيرادات وأفلام الأسبوع الأخير من الشهر في هذه التدوينة


Tuesday, January 8, 2019

مغازلة الصفر


تجاوزت انشغاله بالتقليب في فنجان الشاي الذي لم يضع به سكر، عبرت فراغ المائدة بينهما لتمسك به بالجرم المشهود:
-          هذه الكهرباء اللطيفة كانت تتناثر منك في كل مرة أفاجئك عندما أفتح الباب، لا يمكنك إنكارها، كنت أراها كشبح مراهق يتقافز من داخلك عندما يراني.. ثم
تراجعت لحافة المائدة، وابتلعت لعابها لتكمل:
-          ثم سرعان ما يكبله ذلك العجوز الصامت؛ تدير رأسك ببطء، وكأنك لم تميز خطواتي قبل كل شيء، تنظر لي بهذه الزاوية لكي تبدو أكبر وأكبر.. أي خدمة يا آنسة!!
قاطعها بدون أن يرفع تركيزه عن الفنجان:
-          لم أقل لكِ أبداً يا آنسة.
-          حسناً.. كانت تبدو هكذا، قبلها كنت تعجن في أي أحاديث تافهة صغيرة لكي يستمر الأمر بيننا أطول وأطول..
تشنجت الملعقة بين أصابعه لجزء من الثانية، لم يرفع عينه ليرى إذا ما كانت قد لاحظت، استمر خط تساؤل بداخله عن هذا بينما يضع مكعبات الحقيقة بينهما:
-          كانت أحاديث مملة أيضاً، أعترف، كنت فقط أريدك أن تظلي هناك وكأن حياتي كلها تتلخص في تلك الدقائق التي أكون فيها بجوارك.. ثم أدركت أنها ستنتهي، من المستحيل أن تدوم أكثر.
رفع عينيه للنافذة الزجاجية التي تحجب زحام الشارع وغباره، أضاف لنفسه خط تساؤل جديد عن كيف يبدو العالم بكل هذه الضجة الكارثية في الخارج بينما يعتصره هذا الهدوء على الناحية الأخرى من الزجاج، ويدفعه نحو المزيد من الصراحة:
-          هذا العجوز كان يضع ثقله كله فوق شبح المراهق، يقول له 'إنها راحلة وستتركنا على كل حال!'، يقنعه أن يحتفظ في ذاكرته بلقطات قريبة عالية الوضوح لكِ عندما تقولين شيئاً مرحاً، مراهق ساذج، بينما يستولي العجوز وحده على متعة تواجده على بعد سنتيمترات منكِ، ثم سرعان ما يفكر بأن السنتيمترات مثل الأمتار أو أي مسافة أخرى.. في النهاية يشعر بالامتنان لمجرد وجودك في الكون معه حتى لو عشتِ في زمن وبُعد آخرين.
خط آخر من التساؤل عن وقع كلماته عليها، ثم خط رابع هجين عن احتمالات إذا كانت تخترق وجه البوكر بعد ملاحظتها لتشنج الملعقة، ليستمر تداعي مصفوفات الاحتمالات التي شغلت راماته عن ملاحظة سهلة جداً لأصابعها المتحفزة على طرف المائدة.
-          شيئاً فشيئاً تكتسبين قيمة مجردة وفريدة في عالمه، مثل اكتشاف قيمة الصفر التي سلبت قلوب الرياضيين، غير موجود وهو مركز كل إحداثيات.. مجرد تأمل الجمال يغنينا عن امتلاكه أو حتى محاولة الاقتراب منه، مثل ورقة تتراقص في الرياح وقد تقترب أو تطير عالياً وتغادر الشارع والمدينة وربما العالم كله وتصل لنهاية كل شيء..
عرف أن عليه التوقف عن التقليب في هذه اللحظة، أصبح الأمر مسرحياً وسخيفاً كأنه بمشهد شتوي بارد في مشروع تخرج كلاسيكي بمعهد السينما، وفكر أن هذه الوقفة المسرحية أصبحت أيضاً مطلوبة وكأنه انتهى من الحديث للكاميرا والآن عليه أن يلتفت لها وبحوزته جملة مؤثرة:
-          بعالمه هذا قد يستمر للأبد في الاستمتاع بتأمل أشياء مثل ضجيج احتكاك خصلة شعرك بسطح المائدة وأنت تعبرينها منذ قليل إياباً وذهاباً.
الآن ترجع لمسند مقعدها، تميل رأسها وتبتسم، وتلتمع عيناها وهو تنظر جانباً لتلتقط أنفاسها، بنفس الطريقة التي تصهر قضبان يورانيوم أعصابه في كل مرة.. أو هكذا ظن، لأنه عندما رفع عينيه أخيراً لها، كانت تنظر في الفراغ بينهما بغضب.