Pages

دليفري للبهوات

Saturday, December 30, 2017

في عام الأرقام القياسية.. كيف فشلت السينما المصرية في العودة إلى 2007؟

290 مليون جنيه هي إيرادات متوقعة للأفلام المصرية في 2017، وفي الأيام الأخيرة من العام تنشط احتفالات الأرقام القياسية، لكن مقارنة بسيطة بالأحوال منذ 10 سنوات قد تدفع للقلق.

لماذا العودة إلى 2007؟
ليس لأنها منذ 10 سنوات، كلنا نحب هذه الأرقام المغلقة، ولكن لأنها آخر سنوات الانتعاش السينمائي في الألفية قبل الركود الطويل الذي بدء في 2008 مع وصول الموجات السلبية من الأزمة المالية العالمية، تمثل 2007 سنة الأساس إذا أردنا حساب مدى التغير في اقتصاديات السينما وما إذا كان إيجابياً أم سلبياً.
من جانب آخر، هناك مصادفة تسهل هذه المقارنة، وهي أن عدد الأفلام المصرية المعروضة تجارياً كان 47 فيلماً في العامين.. كيف إذاً تغير الحال خلال 10 سنوات؟

رقم قياسي محبِط
إجمالي إيرادات الأفلام المصرية في 2007 كان 250 مليون جنيه تقريباً، وقد كان رقماً غير مسبوق في وقته، لكنه في 2017 لن يتجاوز 290 مليون جنيه، وهو رقم قياسي جديد، لكنه يعني أيضاً أن صناعة السينما المصرية استغرقت 10 سنوات كاملة لكي تزيد إيرداتها بنسبة 16% فقط.
وهذه ليست هي الأخبار السيئة، ففي 2007 كان متوسط سعر تذاكر السينما قرب العشرين جنيه، بينما في 2017 المتوسط هو 55 جنيه تقريباً، لقد زادت أسعار التذاكر بأكثر من الضعف، لكن الإيرادات الإجمالية لم تنمو بنفس النسبة، وهذا يعني أن عدد التذاكر المباعة قد انخفض بشكل كبير.
ربما لا يهتم المنتجون بعدد التذاكر طالما ارتفع مبلغ المبيعات نفسه، لكن موجات التضخم تجبرنا على تقييم الإيردات بالدولار.
في 2007 كان متوسط سعر الدولار يبلغ 6.5 جنيه، هذا يعني أن إجمالي إيرادات السينما المصرية كان 38.5 مليون دولار تقريباً، بينما وصل متوسط سعر الدولار في 2017 إلى 17.6 جنيه، وهذا يجعل إجمالي الإيردات لا يزيد عن 16.5 مليون دولار في أفضل تقدير.
هذا هو أسوأ نبأ: لقد خسرت السينما المصرية أكثر من نصف إيرداتها خلال 10 سنوات، كيف إذاً نجحت هوليوود الشرق العجوز في الطفو خلال العام الماضي؟

1- الانغماس في إنتاجات أضخم
أحد أهم مؤشرات 2017 هو أن أكثر من نصف إجمالي الإيردات احتكرته الأربعة أفلام الأولى (مقارنة بسبعة أفلام في 2007)، حتى الآن لم تُحسم قمة شباك الإيردات بشكل نهائي، وإن كان فيلم "الخلية" هو الأكثر ترجيحاً مع استمراره في دور العرض حتى العام المقبل، ليتجاوز إيرادات فيلم "هبوط اضطراري" الذي توقف عند 3.1 مليون دولار تقريباً.
الفيلمان من نوع الأكشن، وهو تغير عنيف في القمة التي كانت تحتكرها الأفلام الكوميدية منذ بداية الألفية.
تكلف إنتاج هبوط اضطراري 2.7 دولار، تقريباً نفس تكلفة إنتاج "الخلية"، لكن في الثاني تم توجيه قسم أقل من الميزانية لأجور النجوم، مع إنفاق أكبر على الجوانب الفنية والتقنية.
هذا يقلص هوامش الأرباح، لكن هناك مصادر أخرى.

2- الاعتماد أكثر على الخليج
في دولة الإمارات وحدها جمعت الأفلام المصرية أكثر من 4 ملايين دولار، لا توجد بيانات مسجلة من باقي الدول العربية لكن من المتوقع أن يتضاعف الرقم، لن يحصل المنتجون المصريون على نفس النسبة التي يحصلون عليها من شباك التذاكر المصرية، لكن ارتفاع سعر الدولار يجعل هذه الأرباح الإضافية بمثابة حقنة منشطة كافية للوصول إلى نقطة تعادل، ثم تُضاف أيضاً إيردات بيع حقوق العرض التليفزيوني وعلى الإنترنت.
في الإمارات كان "تصبح على خير" للمطرب تامر حسني هو الأعلى بين الأفلام المصرية (1.3 مليون دولار تقريباً)، الفيلم التالي هو "عنتر ابن ابن ابن شداد" لمحمد هنيدي، إيرداته التي بلغت 700 ألف دولار بالإمارات، تفوقت على إيرداته بمصر التي لم تزد عن 417 ألف.
ارتفعت أهمية سوق الخليج، وستزداد أكثر مع افتتاح دور العرض في السعودية خلال العام المقبل، ومن المتوقع أن تنعكس هذه الأهمية في تأثير مباشر على توجهات ونوعيات الإنتاج مستقبلياً، وستتواجد السعودية من خلال اتفاقات إنتاجية أو الاستحواذ المباشر على شركات إنتاج، كما سبقهم الإمارتيون المتواجدون حالياً كمستثمرون في الإنتاج ودور العرض.

3- الاحتفاظ بفرحة العيد
في السنوات الماضية تأثرت إيرادات السينما بتقاطع شهر رمضان مع موسم الصيف، لكن بداية من 2017 أصبح من الممكن الاستفادة بموسم الصيف كاملاً بداية من الأسبوع الأخير في يونيو (حزيران)، بل اندمج الصيف مع عيدي الفطر والأضحى في موسم ضخم مستمر حتى منتصف سبتمبر (أيلول) مع العودة للدراسة.
لكن فرحة العيد طغت على باقي الصيف، أسبوعا العيدان وحدهما جذبا 5 ملايين دولار تقريباً، أو نسبة 30% من إجمالي إيرادات العام كله.
في العام السابق 2016، بدأت إيرادات عيد الأضحى في التفوق على إيرادات عيد الفطر بشكل طفيف (100 ألف دولار تقريباً)، وهو ما لم يكن معتاداً في السابق عندما كان عيد الفطر يجذب إيرادات أكثر، ثم في 2017 اتسع الفارق إلى 200 ألف، وسجل عيد الأضحى إيرادات بلغت 2.6 مليون دولار.

4- التخلي عن النجم الأوحد
بشكل عام لم تعد أفلام القمة معتمدة على النجم الأوحد، فهناك ميل واضح ومتزايد للبطولات الجماعية والإبهار الإنتاجي، من بين الأفلام الأعلى في الإيرادات، هناك 5 أفلام تعتمد بشكل أساسي على بطل مطلق، نجم ذكر من النوع التقليدي، كان أنجحهم هو أحمد عز (الخلية)، ثم تامر حسني (تصبح على خير)، عمرو سعد (مولانا).. ومحمد رمضان بفيلمين (جواب اعتقال وآخر ديك في مصر).
لقد كان عاماً مؤلماً لنجم الأكشن الشعبي الذي يحاول استعادة نجاحه القديم، فإيرادات الفيلمين سوياً لا تسمح لرمضان بالتفوق على حسني أو التعادل معه، وحتى إذا أضفنا فيلمه الثالث "الكنز"، وهو بطولة جماعية بإنتاج ضخم، فإنه سيظل بعيداً عن عز.
مع هذا، يخطط رمضان للتواجد في 2018 بفيلمين على الأقل.

5- التسامح مع أفلام المهرجانات
إذا كان فيلمك يتمتع بطبيعة فنية تختلف بشكل ما عن قواعد السوق التقليدي، فإنه من الأفضل أن يكون عرضه الأول بأحد المهرجانات الدولية خارج بلده، وهذا يعني مزيد من التحرر من قواعد السوق، ومن هنا تأتي تسمية أفلام المهرجانات.
تقليدياً، تعرضت هذه النوعية للتجاهل والتضييق بوصفها "غير جماهيرية"، لم تتغير هذه المعاملة كثيراً، لكن أفلام المهرجانات توصلت إلى معادلة أفضل مع الجمهور، وبالتالي حجزت لنفسها مكاناً لا بأس به في السوق.
8 أفلام من هذه النوعية نالت فرصتها في العرض، في معظم الأوقات كانت الفرصة عادلة، ومعاً جمعت إيرادات بلغت 1.7 مليون دولار، كانت المساهمة الأكبر بينهم لأفلام "مولانا"، "الأصليين" و"شيخ جاكسون" على الترتيب.
وبدون ذكر الإيرادات، تجب الإشارة إلى فيلم "أخضر يابس"، وهو الإخراج الأول لمحمد حماد الذي نال عنه جائزة أفضل مخرج في مهرجان دبي السينمائي الدولي 2016، بميزانية ذاتية بالغة التقشف، وكذلك الوثائقي الموسيقي Les Petits Chats للمخرج شريف نخلة، وهو الوثائقي الوحيد الذي نال عرضاً تجارياً بأكثر من شاشة في نفس الوقت خلال 2017.

6- المزيد من دور العرض للأفلام الأميركية
في 2007 وصل إجمالي شاشات العرض التجارية في مصر إلى 400 شاشة تقريباً، ومع تبخر التمويل الخليجي المتأثر بالأزمة المالية العالمية، انخفض عدد الأفلام المنتجة، وكذلك تعطلت خطط إنشاء شاشات جديدة، ثم دخلت السينما في متوالية تدهور ذاتي، يقل عدد الشاشات فيقل الإنتاج، ويقل الإنتاج فتقل الشاشات.. وهكذا.
المزيد من التدهور جاء بعد الثورة المصرية في 2011 وما تلاها من عدم استقرار سياسي، وبسبب تحفظ المنتجين والموزعين التقليديين بشكل أساسي، ثم بداية من 2015 عادت العجلة للدوران باستعادة بعض دور العرض المعطلة والمفقودة، وسمح هذا بعودة مستويات الإنتاج للسابق.
لكن الآن لدينا 500 شاشة تقريباً، 25% أكثر من 2007، ورغم زيادة أسعار التذاكر انخفض إجمالي إيرادات الأفلام المصرية، بينما لا تبدو أية معاناة لدى مشغلي دور العرض، هذا لأن هناك باب إيرادات آخر من الأفلام الأجنبية التي وصلت حصتها بإيرادات 2016 إلى نسبة 45%.
ومع هذا تظل الأفلام الأجنبية مفيدة لصناعة السينما المصرية، 47 فيلماً في العام لا تكفي لشغل 500 شاشة طوال العام بحيث تحافظ دور العرض على كفاءتها، فالمزيد من الشاشات العاملة يعني إشارات مشجعة للمنتجين والممولين في خططهم للعام المقبل.

No comments: