Pages

دليفري للبهوات

Tuesday, August 13, 2013

سيب الجمهور هو اللي يقرر.. شاغل دماغك ليه لما أنت مش قد الكلام؟



بعد الثورة بكام أسبوع، زميلة صحفية بعتت لي على الشات تطلب بكل جدية المشاركة في استفتاء فني موضوعه "مين هو مطرب الثورة؟"
وواضح إنها كانت معممة صيغة السؤال على ناس كتير، عرفت ده لإن مقدمة السؤال مقصود منها إنه يكون سهل الهضم، يعني كتبت مقدمة عن إن عبد الحليم كان مطرب ثورة يوليو وكده، كمان كانت عاملة حسابها إنه مايكونش عندي إجابات فحطت خيارات ممكن تساعدني، زي الفنان الصاعد حمادة هلال وآخرين مش فاكرهم لإنهم ماكنوش بنفس درجة الكارثية
أنا رديت عليها رد ناشف شوية عقابا، مش ليها، ولكن للنوع ده من الصحفيين، كنت باشتم فيها كل الزملاء المثقفين اللي أجابوا عن سؤالها عشان في النهاية ينزل بصيغة تحقيق في صفحة فنية تتصدرها صورة ديكوبيه ساخنة لفنانة بدينة من بتوعنا
بعد سنتين تقريبا، من كام شهر كده، وفي عز صعود نجم الفلول، شيرت بوست لواحدة كانت كاتبة إن ثورة يناير ماقدمتش أي جديد على المستوى الفني. البنت الفلولية كانت مسألتها عبارة عن انتقام من ثورة يناير اللي كانت بتسميها مجيدة (دي حاجة معفنة ماعرفتش أعملها دلوقتي، يعني حاولت أكتب "ثورة 30 يونيو المجيدة" كنوع من التريقة، وماقدرتش لإنها فيها احتقار لحراك شاركت فيه الجماهير حتى لو كان مخطط ليه من أجهزة أمنية، وحتى لو رسي على الكائنات المترممة اللي شملتها الوزارة وحركة المحافظين)
وقتها كتبت تعليقي على الشير إن الثورة فعلا ماقدمتش جديد في الفن يتعلق بيها بشكل مباشر، طبعا كان فيه استغلال من كام مغني زي حمادة هلال وعلي الحجار، وكانت فيه أغاني حماسية بتعبر عن مشاعر الحالة وقتها لكنها مش ثورة موسيقية مثلا، طبعا مش ممكن نعتبر أفلام صيف 2011 من نوعية صرخة نملة إنها ليها علاقة بالثورة، ولا فيلم 18 يوم اللي ماتعرضش تجاريا لحد دلوقتي وكان محاولة للتطهر من شريف عرفة وشوية أرزقية زيه، كمان حاول يسري نصر الله إنه يسفسط زي عادته في فيلم بعد الموقعة وأخد جزائه العادل في مهرجان كان لما الناس كانت هتعمل أصوات إسكندراني من كتر انفقاعهم وبعدها أخد جايزة في مهرجان تعبان يناسب مستوى الفيلم
يعني تلخيصا مافيش فن خرج يعبر عن الثورة أو ياخد لقب ثوري.. جزء من المسألة تتعلق بالزمن وإننا لازم نهضم الحدث ويبقى عندنا حاجة تبعد عن المشاعر السطحية وحسابات مع/ضد، كمان المنتجين الفنانيين بتوعنا راحوا يستثمروا فلوسهم في العقارات والمسلسلات والبرامج ويصوتوا من انعدام الحرية والفاشية الإخوانية
بس أنا شايف إن الثورة مش بتعمل فن، هي ممكن توفر ظروف مواتية لظهور أنواع من الفن ماكنش يبقى لها وجود بسبب المزاج العام التجاري وفراغ الفضاء الفني من قضايا تخص الجمهور.. من ضمن ده فنون التكنوشعبي
=============================
قبل الثورة بأسبوعين تلاتة، كانت راكب ميكروباص مع واحد مثقفتيك بعد ندوة مأساوية مارس فيها شوية مثقفين طقوس الولولة على أديب شاب عشان يضمنوا إنه يبقى مستقر على نفس القاع زيهم. في الميكروباص كان السواق مشغل واحدة من أغاني المهرجانات، والمثقف انزعج كما هو متوقع، والحقيقة أنا انزعجت شوية عشان الصوت كان عالي، لكني رديت عليه إن ده نوع فني جديد في طور النمو، مقاومته مش هتنهيه بدري ولا هتحسنه، والأفضل إننا نسيبه يستكمل قدره.. بس وقامت الثورة
ارجع كده لأيام الميدان، لما كتير مننا فاجئهم منظر الباعة الجائلين والمشردين والعيال اللي واخدين 35 علامة جدارة على وشوشهم، الثورة جت وفتحت كرش العاصمة المعفنة فخرجوا للنور يمارسوا حياتهم ويقرفوا ولاد الناس، ومع الوقت يبقى الميدان بتاعهم وأنت اللي يبقى لك مواعيد حضور وانصراف.. هم دول بتوع المهرجانات
المهرجانات زي ناسها، كانت محتاجة صك قبول برجوازي، في حقيقته هو عديم الأهمية، لكنه ضروري عشان يشيل غلالة التجاهل عن الفن ده ويخفف من إقصائه.. ده حصل في إعلان موبينيل بتاع "عشان دايما نفقع في بعض"، وبعدها بقى التكنوشعبي هوس المزز في مارينا، ورقصاته الارتجالية بقت مهارة ضرورية للشباب المعاصر
وبعدها حصل الانفجار الكبير في مواضيع الأغاني بمفردات من الحياة اليومية لا تدعي أي عمق ومش بتمثل الشجن الشعبي المعتاد، موضوعات عن خيانة الصاحب واللعب في الشوارع والبنات المايصة والمخدرات واليأس والغباوة.. التطور الأهم هو زيادة دمج الفن ده مع الراب المصري، بإيقاعاته وتركيز أفكاره وسرعتها وعفويتها
كده نقدر نطمن إنه بعد كام سنة هيكون عندنا مش بس موجة فنية جديدة، كمان ممكن تتحول إلى لون جديد أصيل نشأ في ظروف محلية فريدة. بس إيه علاقة الثورة بيه؟ ده اللي مش هتقدر تشوفه الأستاذة الفلولية، إنه لولا الثورة كانت المهرجانات فضلت أسيرة حواري المطرية والميكروباصات بدون تفاعل مع ألوان تانية تطورها.. أي محاولة لتحديثها كان هيتكفل بيها حلمي بكر والمتنطعين فنيا عشان يدفنوها ويزايدوا على دماغ أهالينا بالفن أصيل العفونة بتاعهم.. وكله أكل عيش
=============================
افتكرت ده كله لما شفت الفيديو المرفق، شباب على كوبري قصر النيل بيقلدوا رقص محمد رمضان بالمطواة، والمحررين بتوع اليوم السابع (كشباب نفسه يرتقي داخل نفس الطبقة البرجوازية المعفنة وفي وسط صحفي معظمه جاهل فنيا ومتعصب لنفسه فقط) ماشفوش غير لقطة المطواة وكوبري قصر النيل، كمفارقة بين العشوائية والعنف وبين انهيار سلطة الدولة (أنا شخصيا كنت مهتم بدلالة حركات الشباب والمطواة دي بقت إكسسوار لكتير من الناس اللي مضطرين يروحو كارفور وسيتي ستارز كل شهر)
جزء من كلمات الأغنية: سيب الجمهور هو اللي يقرر.. شاغل دماغك ليه لما أنت مش قد الكلام؟
=============================
ده نفس اللي فاجئ بعضنا في ميدان التحرير صباح 29 يناير، لما الواغش خلص على أقسام الشرطة وجم يشاركوا في مهرجان الثورة. نفس الواغش ده بسهولة تم اعتبارهم جهلة ومرتشين في الانتخابات، وبعدها بقم أداة سامية للقضاء على الإخوان في 30 يونيو.. واخد بالك من تأرجح الخطاب البرجوازي تجاههم، وإن نفس الطريقة حصلت مع الفنون بتاعتهم؟
وطبعا أنا مضطر أكمل في تداعيات الموضوع بحلقة محمد رمضان في برنامج  يوسف الحسيني، يعني الأخير كان عامل برنامجه منصة لنشر العنصرية والأساطير وكان بيمارس السب العلني لفئات كاملة من البشر بكل حرية، لكن اللي بيعمله محمد رمضان والسبكية هو تدمير للمجتمع وأخلاقه.. يا حلاااااوة
=============================
وفي النطاق الأعم، في الوسط الثقافي الفني، تكتشف إن موضوع حرية التعبير هو مسألة فئوية لأهل الوسط بس، يعني المجتمع يسيبني أعمل اللي أنا عايزه بدون أي ضوابط في العلاقة لما الإبداع يخرج للمجال العام، ونسبيا ده حق صحيح، لكنه في الحقيقة شخصي جدا لأصحابه، ولا يتعلق خالص بحقوق المبدعين الشعبيين اللي فيه مؤسسات كاملة قائمة على إقصائهم برعاية حظيرة الثقافة اللي المثقفين كانوا هيموتوا نفسهم على وزارتها، دول فهموا لوهلة إن الفن الحقيقي مكانه الشارع، فشفنا لقطة فريدة لباليه زوربا في الشارع، وبعدها رجع الفن مسألة نخبوية ممكن يبقى لها استخدام شعبي فقط لما تبقى بتجيب فلوس
=============================
ماحدش بيعمل ثورة، لا في الميدان ولا في الفن، هي بتيجي لوحدها كنتيجة لأوضاع متنيلة قبلها

No comments: