Pages

دليفري للبهوات

Monday, April 25, 2011

لهذا نحب الثورة


هذه حقيقة نعرفها جميعا ونفضل نسيانها: هناك من تسعده أحداث الزلازل والانقلابات والثورات والإضرابات والشغب، إنهم تلاميذ المدارس، الحكومية بشكل خاص.

أتذكر أول حادثة من هذه الأنواع في 1986، عندما كنا في مدرستنا الحكومية الخانقة وأبلغونا في منتصف اليوم أن ننصرف لبيوتنا. كان هذا يوم ثلاثاء على ما أتذكر، وهو اليوم الأقسى بين أيام الأسبوع، فهو مع السبت أطول الأيام من حيث عدد الحصص، لكن يوم الثلاثاء أصعب لكونه في منتصف الأسبوع، حيث نكون مستهلكين تماما ويائسين من الإنقاذ على يد يوم الخميس الذي يتبقى عليه يومين آخرين. الثلاثاء أيضا كان يوم التسميع والتفتيش على كراريس الواجب، لهذا كان الأمر يبدو كأنه إعفاء من حكم بالإعدام.

كنت متفوقا في القراءة إلى حد يسمح لي بفك بعض طلاسم الصحف، وكنت أصبر على سماع نشرات الأخبار، لهذا عرفت أن هناك أحداث شغب يقوم بها جنود الأمن المركزي، وتخيلتهم أشباحا سوداء تهيم بلا هدف إلا تدمير المدارس التي كنت أراها معاقل للظلم والاستبداد. لكن باقي العيال لم يعرفوا أكثر من أن يد إلهية قد رحمتهم من المدرسة، وكانوا يعرفون يوما بيوم أنهم لن يذهبوا غدا للمدرسة، بينما كنت أعلم أن الدراسة قد عُلقت لآخر الأسبوع ثم حصلنا على عطلة أخرى طوال الأسبوع التالي.

كان هذا رائعا، ففي إجازة نصف العام كان المدرسون يتعمدون إثقالنا بواجبات إضافية لضمان عدم استمتاعنا بها، لكنهم لم يجدوا الوقت لهذا الآن، وسنعود لنقضي أقل من شهر ويبدأ مهرجان امتحانات آخر العام، وهي كانت امتحانات صورية بالنسبة لطلبة الصفوف الفردية (في السنوات الأولى والثالثة والخامسة كان التلاميذ ينتقلون للصف الأعلى بغض النظر عن نتيجة الامتحان).

طردنا من المدرسة كان مفيدا لهؤلاء الذين يتوجهون مباشرة لمنازلهم، لأنهم سيستغلون فروق التوقيت في لعب الكرة والصياعة بشكل عام، لكن أبناء الموظفين مثلي كان عليهم الانتقال إلى حضانة مجاورة لانتظار ذويهم، حيث نتعرض لإهانة قضاء الوقت مع عيال الحضانة في فصول تقيم بها رائحة القيئ منذ آلاف السنوات.

بحلول اليوم التالي سمعت بفرض حظر التجوال. كنت أنظر بدهشة للشوارع فأجدها هادئة نسبيا، كما لو كنا في يوم 6 أكتوبر مثلا، لكن لا يوجد أثر لهذا الحظر، وفي يوم السبت نشرت جريدة "أخبار اليوم" صور شباب يلعبون كرة القدم في منطقة شعبية. كان الجميع يستمتعون بوقتهم، إلا أبناء الطبقة المتوسطة، مثلي، الذين كان محرما عليهم اللعب في الشارع. كنت أرى العيال الآخرون يعيثون فسادا في الشوارع بينما أقضي يومي في اجترار نشرات الأخبار التي تكرر تلقينها للمواطنين بضرورة البقاء بالمنازل والالتزام بالقانون.

كان هذا وجها معتادا للحياة في الضواحي والأحياء البعيدة عن قلب العاصمة، كانت هناك معارك حقيقية تدور في شوارع الهرم وجسر السويس، لكن في الزيتون وحدائق القبة لم نكن نسمع حتى عن هذا. أقول عن نفسي أنني قاهري، لكن الحقيقة هي أنني لم أشهد معظم الأحداث الكبرى التي مرت على العاصمة وأنا محتجز في حينا الهادئ. وهذا هو طبع المناطق التي نشأت كضواحي، ثم ضمها الزحام إلى جسد العاصمة، لكنها احتفظت بطابعها النفسي المستقل عما يحدث للعاصمة، وفي تظاهرات 25 يناير، كان ميدان التحرير ساحة معركة حقيقية، لكن المظاهرة التي شاركت فيها بميدان المطرية كانت هادئة وعاملها الأمن المركزي بوداعة، وفي الأيام التالية بث التليفزيون الحكومي استغاثات ربات البيوت من البلطجية الذين احتلوا الشوارع، لكن عندنا في سراي القبة ساد هدوء لا يقطعه إلا مزاح الشباب في اللجان الشعبية. الحقيقة أن المنطقة لدينا كانت ستصبح مصيدة لأي خارج عن القانون، والخطر الوحيد الذي يمكن أن تشعر به هو أن يتشاجر شباب اللجان الشعبية بالقرب من سيارتك إذا تركتها تبيت خارج الجراج.

العطلة الثانية كان بطلها هو زلزال 1992 الذي أنقذني من الانتحار قبل أن أتم عامي الخامس عشر.

كنت قد وصلت لتوي إلى مدرسة ثانوية ذات بقايا نظام عسكري سابق. نعم كانت مدرسة "القبة الثانوية" ذات نظام عسكري يتدرب فيه الطلاب على إطلاق النار قبل أن أصل إليها، وكانوا مجبرين على ارتداء أزياء تشبه ما كانت ترتديه المليشيات الفاشية في إيطاليا.

لكن ما تبقى من النظام العسكري هو مباني مكعبة تصلح لأن تكون مخابئ ضد الغارات الجوية، إضافة إلى أسوار مزدوجة بارتفاع 6 أمتار مرصعة بقطع من الزجاج، بينما نوافذ أول دورين عليها قضبان غليظة أو هي مسدودة تماما بالحجارة، ولم يعد باقيا لتصبح معتقلا للنازية إلا الأسوار الشائكة ودوريات الكلاب المفترسة والحرس على الأبراج بالأضواء الكاشفة.

وكانت المدرسة مزدحمة بالدفعة المزدوجة التي تعرضت لعقاب إداري دام حتى تخرجنا من الجامعة. كان تعداد الفصل 70 تلميذا، وكنت أجلس على الحدود بين دكتين ضيقتين (كل فخذ في دكة)، على يساري زميلين قبطيين ظلا يعاملاني بتحفظ لأسباب مفهومة طوال التيرم الأول، وعلى يميني زميلين مسلمين ظلا هما أيضا يعاملاني بتحفظ بوصفي منطقة حدودية ذات طبيعة خاصة. كان الحر خانقا، وكان دخول الحمام يشبه الإعدام في أفران الغاز النازية، وحصة الألعاب تشبه تكدير السجون، وعلى بوابة المدرسة ينتظرك طلاب الثانوية العامة لجمع التبرعات الخيرية الإجبارية.

لكن أصعب ما في الموضوع هو نظام اليوم الطويل. كان عدد الحصص يصل إلى 7 حصص يومي السبت والثلاثاء و6 "فقط" في باقي الأيام، وكانت مدة الحصة 50 دقيقة كاملة، ثم 10 دقائق بين الحصتين، والفسحة 45 دقيقة لمن يجرؤ أن ينزل للحوش الذي تعلوه سحابة ذرية من الأتربة بسبب قطعان الطلبة الهائجة. بالنسبة لطالب مثلى أتى من مدرسة إعدادية ذات فترتين، كانت كارثة أن أجد نفسي محتجزا يوميا حتى الساعة الثالثة والنصف في شهر سبتمبر الحار.

لكن ربك دائما كريم. ففي يوم إثنين تسيطر عليه رائحة أوراق الجوافة، عدت للبيت وأنا أفكر أن حياتي لا يمكن أن تستمر على هذا النظام، نمت من الكدر لأستيقظ على منظر دولاب غرفتي وهو يتراقص بخلاعة، ثم صوت أمي وهي تصرخ وتهرع لخارج البيت. لقد كان زلزال 1992 الذي أدين له باستمراري في التعليم.

بداية، حصلنا على 18 يوم عطلة، ثم تم تقسيم الدراسة على 3 فترات لمدة تيرم كامل، وكنت أعود للمنزل في العاشرة والنصف صباحا، وتم إجراء امتحانات صورية في نهاية التيرم مما منحني فرصة للتفوق (بدون غش) لأني أعاني من حساسية شخصية تجاه فكرة الامتحانات، وقضيت بقية الدراسة الثانوية في الفترة الصباحية ضمن فترتين، وكان الفضل في هذا يرجع للدفعة المزدوجة.

أنظر الآن لتلاميذ الثورة الذين ضموا شهر فبراير بالكامل لإجازة نصف العام، وعودتهم كانت رغما عن الأهل وليس دفعا منهم كما هو معتاد، وقضى معظمهم إجازة الثورة في اللجان الشعبية التي كانت تسمح لهم بتفتيش المارة (فضلا عن التنمر على ضباط الشرطة) وكانوا يشعلون النيران ليلا كأنهم يحمون مضارب قبيلة صحراوية لا شارع مزدحم بالسكان. أتذكر هذا بجانب إجازة الأمن المركزي وعطلة الزلزال، وأقول أن لكل جيل كارثته المحبوبة.

Monday, April 11, 2011

التذكرة الأخيرة للخروج من الكعكة الحجرية

بمجرد سماعي بما حدث في التحرير، أسرعت إلى الميدان لأول مرة منذ 11 فبراير. كنت أعتقد أن هناك مساحة للحوار مع هؤلاء الذين لا أعرف سبب اعتصامهم من الأساس (وأرجوك لا تقل لي يا شيخ العرب إن هدفهم كان حماية أفراد الجيش الذين احتموا بهم، فنحن نتحدث عن مصير وطن وليس مضارب قبيلة صحراوية). عندما اعتليت الكعكة الحجرية فوجئت بمظهر قدامى المعتصمين، كانت مظهرهم مشوشا ورماديا بفعل تراب الميدان، كان هناك آخرون يصنعون دوامات من الهتافات الغاضبة، وكان هناك من أتوا من منازلهم للتو، تعاطفا ودهشة.

اندهشت لأن معظم من تحدثت معهم كانوا واعين بالمشكلة، إلا هؤلاء الذين كانوا يتحدثون كقادة ميلشيات ويستخدمون إشارات ورموز (ليس لأنهم لا يثقون بي ولكن لأن العشرة المشتركة نمت بينهم تفاهما أصبح لا يحتاج إلى كلمات). المشكلة أن الواعين لا يزال دورهم في الميدان فرديا، وهم يستمعون أكثر مما يتكلمون (مات الكلام أو ملوا منه)، وبالتالي الدور الأكبر هناك للمتعصبين (مثل الرجل الذي دار طوال ساعات حاملا بدلة جندي ميري زيتية مصلوبة على قطعتين من الخشب اعتراضا على الجيش).

ونأتي للكلام المفيد. الجماعة في الميدان يعرفون أن ما حدث كان عبارة عملية سعى فيها الجيش للقبض على من يرتدون الزي الميري (لا أحد لديه تأكيد واضح بأنهم فعلا ضباط عاملين في الجيش. قال لي أحدهم أنهم 20 فرد بين صف ضابط ومقدم، وشهد أنه رأى بطاقاتهم العسكرية، لكن لا يوجد سبب للثقة في قدرة الشاهد على تمييز البطاقات العسكرية). هناك رواية يعتقدون فيها بأن ما حدث كان صراعا مكتوما بين أجنحة داخل الجيش، لكن مدى تنظيم الأحداث يجعلني أعتقد أنها خطة أكثر تعقيدا.

النموذج الذي أقيس عليه حكاه لي صحفي كبير يقع مكتبه بالقرب من الميدان، فقال لي أن ظهور أحمد شومان وضباط آخرين في بداية الاعتصام كان مقصودا من الجيش، بحيث تصل رسالة للنظام والخارج بأن القيادة على وشك أن تفقد سيطرتها على عناصرها البشرية، ولفت الرجل نظري إلى أن الجيش لا يتحرك إلا طبقا لنسق واضح يمكنك أن ترصد تكراره بانتظام (مثل قرارات يومي الأربعاء والخميس التي تسبق المليونية). عندما عدت للميدان عرفت من أحد محترفي الاعتصام أن ضباط بالجيش كانوا يتصلون بهم لإبلاغهم بموعد الضرب وهدفه وطرق "الهروب منه". هذا يجعلني أعتقد بأن الجيش كان يسعى لعملية جراحية دقيقة، لكن لا بأس إذا ما أسفرت عن عدد محدود من الضحايا.

فيديوهات العملية تظهر إطلاق نار كثيف يصل إلى عدة رصاصات في الثانية الواحدة، لكن استخدام الرصاص الحي كان سيسفر عن ضحايا أكثر من الحد الأقصى الذي يتحدث عنه المعتصمون (7 قتلى). عرض عليّ المعتصمون مظروف فوارغ الرصاصات، وكان ردي أن الرصاص الحي ورصاص الصوت لهما نفس المظروف (أعرف هذا لأني كنت مجندا في الجيش)، لكن أحدهم قادني لسور معدني اخترقه رصاصة دخولا وخروجا، مما يثبت إطلاق الرصاص الحي، لكنه لا يثبت كمه ولا هوية مطلقه.

إذا كان الجيش هو من أطلق النار على المعتصمين، فإن آثار الرصاصات كانت ستصبح أكثر بكثير (الحقيقة إنه لا إثبات لعدد الضحايا سوى عبر الروايات اللفظية، لا جثث، ولا وسيلة لإثبات حالات المصابين، والجيش يدعي أن معظمهم أصيب بسبب الحجارة)، ما رأيته هو أثر رصاصة وحيدة وهذا لا يناسب حجم إطلاق النار.. يقودنا هذا إلى الدور الذي نُسب إلى رجال إبراهيم كامل، وهي رواية إثباتها الوحيد لدى الجيش، لكنها تتفق مع حجم إطلاق النار ومعدل الضحايا.

بعد هذا كله، نفتح الشاشة على المشهد السياسي العام، لقد أعلنت كل القوى السياسية سابقا عدم مشاركتها في الاعتصام، مما أزاح الغطاء عن المعتصمين المساكين، لكن بعد المعركة علق ائتلاف الثورة حواره مع المجلس العسكري (وكأن المجلس يطاردهم من أجل هذا الحوار)، قبل الأحداث كانت المطالب هي محاكمة مبارك والتسريع في محاكمة أعوانه وانتقاد المجلس العسكري على بطئه في هذا، الآن علينا الإسراع بقصعة الإسمنت لرأب الصدع في علاقتنا مع المؤسسة العسكرية كلها، وحالة الجميع هي مزيج من الإحساس بالخجل والذنب وفقدان الرغبة في المزيد من الاعتصامات والمظاهرات. وأين مبارك الآن؟

لقد استفاد أولاده سريعا من الأحداث، فخرج ببيانه الذي أعاد فيه اللعب على نغمة المقاتل العجوز الذي يرغب في الموت بهدوء على شاطئ منتجعه الرملي، ليست هذه مؤامرة، بل مجرد استفادة منظمة من الأوضاع، وخلال يوم الأحد بدأ من يضعون صورة شفيق على حسابات الفيسبوك في إنشاء صفحات تفويض لعودة مبارك، وعادت المظاهرات لميدان مصطفى محمود (بأعداد ضئيلة لأن البيان لم يؤتي أكله العاطفي، فالمصريون سيستمتعون أكثر بالتشفي في الرئيس الجبار)، لكن نموذج الحركة واضح في تكراره مع خطاب 1 فبراير.. لقد كان مقررا التحقيق معه وابنه خلال هذا الأسبوع، ومع بوادر عدم تأجيل من قبل النائب العام، فإن هذا يعني أن مناورة مبارك لن تنجح غالبا.

نعود للجيش. هناك طريقة أخرى لفهم الصورة عندما لا يؤتي تجميع العناصر عن توضيحها أكثر. اقلب اللوحة وانظر كيف استفادت الأطراف الموجودة مما حدث. لقد نجح الجيش في إيقاف نزيف كان متوقعا لو مر فجر السبت وبعض عناصره نجحت في الخروج عنه، فهذا كان يعني انشقاقا حقيقيا داخل الجيش، كما نجح في شحذ نفسية ضباطه وجنوده الذين حاربوا الخونة من زملائهم السابقين (هذا من وجهة نظرهم)، لقد أفلت العسكر من زاوية اتهامهم بالتباطؤ وأصبح على كل القوى الوطنية ان تثبت أنها وطنية فعلا، وخدم مبارك الجميع ببيانه المثير للرثاء. سأضيف هذا إلى لقطة شاحنات الجيش التي دخلت الميدان في صباح السبت وهي محملة بالحواجز والأسلام الشائكة، ثم تُركت على أطراف الميدان في أماكن استراتيجية لتخدم هدفين، أن يحصل المعتصمون على متاريس تمكنهم من السيطرة فعليا على الميدان في مواجهة أي بلطجية وليس قوات عسكرية (الأسلاك والحواجز لن تجدي مع المدرعات)، من ناحية أخرى فإن وجود الشاحنات يغري بتدميرها وإحراقها، وبالتالي فإن مشاهد التدمير توفر ذريعة جاهزة للجيش للتدخل في أي وقت ضد من سيصبحون من المخربين.. ومن البداية، كان الجيش على علم بوجود عناصر له انضمت للمعتصمين ولم يتدخل على أطراف الميدان أثناء دخولهم رغم أن معرفته بمعظم هوياتهم، ولم يسارع ببيانته المقتضبة تاركا الوضع يصل لحافة الهاوية.

لقد تعلم منا العسكر أن يصلوا بالوضع لهذه الحافة لتحقيق أهدافهم، وكنا تعلمنا منهم أنهم لا يتحركون إلا بناء على مظاهر القوى الواضحة على الأرض، ولهذا كانت المليونيات تؤتي ثمارها يومي الأربعاء والخميس، لكن الجيش هذه المرة ربح باكتساح، هدفه الأولي كان كشف عناصره المتمردة والقبض عليها، وهدفه الثانوي أن يستثمر هذا الوضع في إعادة الكل لحظيرة الحماية، ثم هدفه المؤجل في قطع خطوط التعاطف بين الشعب وغلاة المعتصمين مما يفيد في بناء قوة المطرقة التي ستحطم ثمرة الجوز الصلبة بدون أي مشاعر تعاطف من باقي القوى السياسية.

أشعر أنني فقط نظمت ما كان يعرفه الجميع. لكن اقتراحي الآن دمج المعتصمين المتشددين مع الأجنحة السياسية حرة الحركة، وليس خافيا أن معظم المعتصمين يشعرون بأنهم مهمشين ضمن طبخة السياسة المعقدة الكبرى، يجب أن تعلم من الإسرائيليين الذين يستغلون قوة المتطرفين في توسيع مجال حركة المعتدلين بالتنسيق بين كل الأطراف، فض الاعتصام لن يجدي الآن، لكن استمراره بانضباط سيريح الجيش أيضا، ويجب الاستفادة من انعكاس اتجاه الرياح في وجه مبارك (هناك احتمال أن يكون بيانه تم بثه من وراء الجيش)، وسيكون من المريح للجميع (بما فيهم الجيش) أن تبدأ إجراءات محاكمته، ولا تنسوا أن الجيش يسعى أيضا لتقديم هدية لهؤلاء الذين يسعون للاحتماء به، لكن توجيه الاعتصام ضد الجيش أو المشير لن يفلح سوى في زيادة وزن وصلابة المطرقة، وهي جاهزة بالفعل للهبوط على من سيسميهم الإعلام مخربين وبلطجية، وفي النهاية، وايا كانت الوسائل والأهداف، فإن الحفاظ على وحدة جيشنا هو واجب وطني على الجميع.